بدأت فكرة التمويل الجماعي بالظهور في عام 2005 والتي كان من شأنها أن تبدّل قواعدَ الخدمات المالية، والمنطق الذي يقوم عليه هو أن صاحب فكرة المشروع يطلب المساعدة من الناس لقديم التمويل لمشروعه ليصبح قادرًا على تنفيذه ونقله من الورق إلى الواقع. كما وتعتبر تقنية التمويل الجماعي هي واحدةٌ من أشهر تقنيات التكنولوجيا المالية الرقمية، التي تستندُ في عملها على المواقع الالكترونية منصات التمويل الجماعي والتي جاءت حديثًا كمتنفسٍ للمبدعين أصحاب الأفكار والمشاريع الريادية، حيث قامت باستحداثه ليكون حلًا مناسبًا لمن يعانون من جلب التمويل للمشاريع، وخاصة في المؤسسات الريادية الناشئة والبلدان النامية.
"مع تطورِ الأنظمة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، أخذ التمويل الجماعي شكلًا ملائمًا، حيث انطلقت أول منصة إلكترونية عام 2005 تسمى منصة كيفا «Kiva» لتقديم القروض الصغيرة لأفراد المجتمع للقيام بمشاريعهم". وفي عام 2009 انطلقت أكثر من منصة للتمويل الجماعي حيث أطلقَ عليه عام التمويل الجماعي. ويعتبر لجوء صاحب الفكرة إلى أسلوب التمويل الجماعي آنذاك ليس من قبيل الصدفة! وإنما يتعلقُ ذلك بالأزمةِ الماليةِ العالمية، ولحظتها ازدادت نسبة انتشار التمويلِ الجماعي، بسبب أزمة الديون البنكية والتي أدت لانهيار في أسواق المال، واتخذت الحكومات إجراءاتً تقشفية بسبب الركود في الاقتصاد، وقامت بعض الشركات بفصلِ بعض الموظفين لتخفيض التكاليف المالية. "كما أن البنوك لم تعد تعطي قروضًا كما كان في السابق، والأمر لا يقتصر على الوطن العربي فقط بل وعلى العالم بأكمله".
بالإضافة لوجود أسبابٍ رئيسة أخرى كانت حافزًا كبيرًا لظهورِ فكرة التمويل الجماعي، نذكرها على النحو التالي:
- قديمًا لم يتمكن أصحاب المشاريع من الوصول إلى جهات تتبنى فكرتهم وتقدم لهم التمويل، ولم يستطع سوى قلة قليلة من جلب التمويل لمشاريعهم.
- لم يكن انتشارٌ كبير للإنترنت كما هو الحال عليه اليوم، حيث أصبح من السهل على أصحاب المشاريع البحث عن جهات تمويلية ومراسلتهم في ظل توفر منصات إلكترونية، وخاصة مع تطور تقنيات التكنولوجيا المالية الرقمية.
- سهولة استقطاب أصحاب رؤوسِ الأموال لتقديم التمويل للمشاريع، مما يوفر رأس المالِ للمؤسسات، وجذب المستثمرين بعيدًا عن الأساليب التقليدية.
- يعتمد التمويل الجماعي على مبدأ الشفافية في العمل، مع فارق التشبيه بالطرق الأخرى القديمة التي يتم التعامل من خلالها، وما تسببت به تلك الطرق من فقدانٍ وضياعٍ لبعض الأموال، وسرقةٍ لأفكار المشاريع الإبداعيةِ من قبل جهات لا تتصف بالأمانة والمصداقية.
- ساعد في وجود طرقِ دفع إلكترونية حديثةِ سهلة الاستخدام، بالإضافة إلى انتشار كافة وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها والتأثير في حشد الناس، والتسويق الالكتروني لدعم المشاريع.
- كما أن هناك سببًا آخرَ يتعلق بصعوبة الأوضاع التي يمر بها الشبابُ وبشكل خاص الطلاب الخريجين حديثًا والعاطلين عن العمل، فلقد سنحت لهم الفرصةُ بتقديم المبادرات وطرح الأفكارِ الإبداعيةِ، وعرضها على هيئة مشاريع لجلب التمويل، حيث انتشرت تلك المشاريعُ ووصلت لأفراد المجتمع ليشاركوهم النجاح ويقدموا لهم ما استطاعوا من أموال لتنفيذ مشاريعهم، ليصنعوا لأنفسهم اسمًا ومكانةً عظيمة، وتوفر لهم فرص العمل والتي من شأنها أن تغير حياتَهم للأفضل بعد أن كانوا بلا عملٍ وفي عداد كشوفاتِ البطالة.
وفي هذا السياق نقول ليس الغرضُ من التمويل الجماعي هو: "أن يحل محل المستثمرين الملاك أو أصحاب رؤوس الأموال، ولكن الهدفَ منه أن يكون أداةً يُعتمد عليها للاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، جنبًا إلى جنب مع مستثمرين آخرين. فمن وجهة نظر المستثمر، يسمح التمويل الجماعي بالمشاركة في أحد المشاريع بدون المخاطرة بمبالغ كبيرة. والفرصة الثمينة التي أتاحها الإنترنت في الفترة الأخيرة تتلخص في تمكين العديد من أصحاب المشاريع بالوصول إلى عدد كبير من الناس المستثمرين والمانحين والمتبرعين ومخاطبتهم جميعًا في وقت واحد، مما جعل التمويل الجماعي يتصدر أعلى مراتب التمويلِ البديل، وأصبح من التقنيات الهامة من تقنيات التكنولوجيا المالية.